مداد القلم مشرف بالقسم الاسلامي
عدد الرسائل : 201 العمر : 33 وسام التميز : المزاج : المهنة : الهواية : تاريخ التسجيل : 04/12/2007
| موضوع: الكلم الطيب والخبيث 5/12/2007, 23:16 | |
| الخطبة الأولى
الحمد لله خلق الإنسان فسواه فعدله ، و بزينة الإيمان و لباس التقوى زينة و جمله ، و بنعمة البيان شرفه و فضله ، أحمده سبحانه و أشكره على جميع ما خوله ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ، نبي أكرمه ربه و بجله صلى الله عليه و سلم و بارك عليه ، و على آله و صحبه ، و كل من سار على نهجه و اقتفى أثره . أما بعد : فاتقوا الله أيها المسلمون ، و كونوا مع الصادقين ، اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ، و يغفر لكم ذنوبكم . أيها الإخوة ، اللسان من نعم الله العظيمة ، و لطائف صنعه الغريبة ، صغير جرمه ، عظيم طاعته و جرمه . لا يستبين الكفر و الإيمان إلا بنطق اللسان ، و ما من موجود أو معدوم ، و لا صانع أو مصنوع ، إلا و يتناوله اللسان بإثبات أو نفي . و كل مجالات العلوم طريق بيانها اللسان . رحب الميدان ، و اسع المجال ، و هو ترجمان القلوب و الأفكار ، آلة البيان ، و طريق الخطاب . له في الخير مجال كبير ، و له في الشر باع طويل . فمن استعمله للحكمة و القول النافع و قضاء الحوائج ، و قيده بلجام الشرع ، فقد أقر بالنعمة و وضع الشيء في موضعه ، و هو بالنجاة جدير . و من أطلق لسانه و أهمله ، سلك به الشيطان كل طريق ، و لا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم . هو الميزان الذي توزن به الرجال ، وتعرف به أقدارها . ما صلح منطق رجل إلا ظهر ذلك على سائر عمله ، و لا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك في سائر عمله . حتى قال بعض السلف : لا تجد شيئاً من البر يتبعه البر كله غير اللسان ، فإنك تجد الرجل يصوم النهار ، و يفطر على حرام ، و يقوم الليل و يشهد الزور بالنهار ، و لكنك لا تجدة لا يتكلم إلا بحق فيخالف ذلك عمله أبداً . و الناس ـ أيها الناس ـ تنظر إلى المتكلم و تربط بين حديثه و مطابقته للواقع و صدقه مع نفسه ، و إنهم ليعرفون بثاقب نظرهم ، و يدركون بعميق خبرتهم الكاذب من الصادق ، و المصلح من المفسد ، و البر من الفاجر . و من أجل هذا انقسمت أحاديث الناس و أخبارهم إلى صدق و كذب ، و طيب و خبيث ، و حق و باطل ، " عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، و إن البر يهدي إلى الجنة ، و ما يزال الرجال يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عن الله صديقاً ، و إياكم و الكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، و إن الفجور يهدي إلى النار ، و ما يزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً " متفق عليه و اللفظ لمسلم من حديث عبد الله بن مسعود . و الله عز و جل يقول : " ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار * يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " . معاشر الأحبة ، إن صاحب الكلمة الخبيثة لا ينطلق إلا بأقوال أثيمة . لسانه لماز ، و بصره غماز . حديث بذاء و فعله عدوان . لا يذكر عظيم إلا استحقره ، و لا يرى كريم إلا نال من عرضه . فلا يتعمد الكذب إلا متملق منافق ، فهو عنوان سفه العقل ، و سقوط الهمة ، و خبث الطوية ، و جبن النفس ، حتى قال بعض الحكماء : لم يكذب أحد قط إلا لصغر قدر نفسه عنده . و من قل إيمانه بربه و خف من يوم الحساب خوفه ، لا يبالي أن يلبس الحق بالباطل ، و يصور الأشياء على غير الواقع . و يشتد خبث الكلمة ويعظم و زر الكذب إذا اتسع نطاق ضررهما . فالصحفي الذي ينشر على الملأ خبراً باطلاً ، و السياسي الذي يخدع الناس في القضايا الكبرى ، و المغرض الذي يسوق التهم في الكبراء ، و المداح الذي يتخذ من المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر ، و يكليل الثناء للوجهاء ، و يهرف بما لا يعرف فيصف الجبان بالشجاعة و الظالم بالعدالة ، و البخيل بالكرم ـ كل أولئك يرتكبون جرائم عظيمة ، و يجرون إلى عواقب وخيمة . و في خبر البخاري عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار ، فكان مما قال عليه الصلاة و السلام : " أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة .؟ " و الله وحده المستعان على ألسنة تصف ، و قلوب تعرف ، و أعمال تخالف . من لطخ لسانه برجس الكذب و خبيث الكلم ، لابد أن تبدو سريرته و ينشكف أمره ، فلا يلقى من الناس إلا الازدراء و المنقصة . أما أهل الحق و الإيمان فيهديهم ربهم إلى الطيب من القول ، و يهديهم إلى صراط الحميد . نعم أيها الإخوة ، إذا من الله على عبده بصدق اللهجة ، و طيب الحديث ، شرف قدره ، و طابت حياته ، و عرف بقوة الإرادة ، و رجحان العقل ، و سلامة الطوية ، و الناس في معاملاتهم لا يطمئنون إلا إلى صدوق اللسان ، فحكمه عندهم عدل ، و شهادته بر ، معاملته بركة ، يأمنونه على أموالهم ، و أهليهم . مؤتمن في الأحياء و في الأموات ، في الوصايا و الأوقاف ، في الودائع و الأمانات . معاشر المسلمين و المسلمات : لا يستقيم لأحد سؤدد ، أو يحرز في قلوب الناس منزلة إلى حين يهبه الله لسان صدق . يقول علي رضي الله عنه : من كانت له عند الناس ثلاث وجب له عليهم ثلاث : من إذا حدثهم صدقهم ، و إذا ائتمنوه لم يخنهم ، و إذا وعدهم وفى لهم ، وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم ، و تنطلق بالثناء عليه ألسنتهم ، و تظهر له معونتهم . و الطيب من القول ـ أيها الإخوة ـ دائرته واسعة إذا ما وفق له العبد ، و سلك فيه مسالك الإسلام و التزم توجيهات القرآن و آداب السنة . يقول الله عز و جل : " و قولوا للناس حسنا " و في التوجيه النبوي : " و الكلمة الطيبة صدقة " . يقول أبو عبد الله القرطبي في تفسيره : ينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس ليناً ، و وجهه منبسطاً من البر و الفاجر من غير مداهنة ، لأن الله قال لموسى و هارون : " فقولا له قولاً لينا " فالقائل ليس بأفضل من موسى و هارون ، و الفاجر ليس بأخبث من فرعون ، و قد أمرهما ربهما باللين معه . و قال طلحة بن عمر : قلت لعطاء : إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مخلتفة ، و أنا رجل في حدة فأقول لهم بعض القول الغليظ ، فقال : لا تفعل ، يقول الله تعالى : " و قولوا للناس حسنا " قال عطاء : فدخل في هذا اليهود و النصارى فكيف بالحنيفي ؟ ؟ و قال شريك بن سنان لسعيد بن جبير رحمه الله : المجوسي يوليني من نفسه و يسلم علي أفأرد عليه ؟ فقال سعيد : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن نحو ذلك ، فقال : لو قال لي فرعون خيراً لرددت عليه . و الكلام اللين ـ معاشر الأحبة ـ كما يقول بعض الحكماء : يغسل الضغائن المستكينة في الجوارح . فكل كلام لا يضر في دينك ، و لا يسخط ربك ، و ترضي به جليسك فلا تكن به بخيلاً يعوضك الله ثواب المحسنين . و من كلام وهب بن منبه : ثلاث من كن فيه أصاب البر سخاوة النفس ، و الصبر على الأذى ، و طيب الكلام . و في الحديث الصحيح : " اتقوا النار و لو بشق تمرة ، فإن لم يكن فبكلمة طيبة " متفق عليه من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه . " و عن أبي المقدام عن أبيه عن جده قال : قلت للنبي صلى الله عليه و سلم أخبرني بشيء يوجب الجنة قال : عليك بحسن الكلام و بذل الطعام " . أيها الإخوة : ذلكم هو صلاح المنطق و فساده ، إما إخبار بالحق ، و بيان للواقع ، و مطابقة للمعتقد ، و مؤانسة للمجالس ، و إما حديث بالباطل ، و فحش في القول ، و بذاء في الكلام . فاتقوا الله ـ رحمكم الله ـ و الزموا الصدق و الطيب من القول ، فربكم إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "
الخطبة الثانية
الحمد لله الصادق في قيله . أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، و أعوذ به من الكذب في القول و سوء تأويله ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ، جاء بالصدق و صدق به ، و أمر به في دقيق الأمر و جليله ، صلى الله عليه و سلم و بارك عليه ، و على آله و صحبه و التابعين ، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : عباد الله : طوبى لمن أنفق الفضل من ماله ، و أمسك الفضل من قوله ، و طوبى لمن قال خيراً فغنم أو سكت فسلم ، و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت . أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض قولكم ، و لا يستجرينكم الشيطان . الزموا الطيب من القول ، و بابه واسع ، فأعلاه الشهادتان و قراءة القرآن و الاشتغال بذكر الله من التسبيح و التهليل و التحميد و التكبير و الدعاء . أفشوا السلام و شمتوا العاطس ، و مروا بالمعروف ، و انهوا عن المنكر ، فكل ذلك طيب من القول . أرشدوا الأعمى ، و أسمعوا الأصم ، و في بعض الروايات : " و بيانك عن الأرتم صدقة " يعني من لا يقدر على الكلام ، إما لآفة في لسانه ، و إما لعجمة في لغته . و اجتنبوا خبيث الكلام ، و فاحش القول من الشرك بالله و القول على الله بلا علم فهو قرين الشرك و احذروا شهادة الزور و السحر و القذف و السباب و الغيبة و النميمة و كلام ذي الوجهين و المراء ، و الجدال بالباطل ، و تزكية النفس ، و الخصومات ، و الغناء المحرم ، و السخرية و الاستهزاء ، فكل ذلك باطل من القول . و لقد قال بعض السلف : أما يستحي أحدكم أنه لو نشرت عليه صحيفته التي أملي صدر نهاره ، كان أكثر ما فيها ليس منها أمر دينه و دنياه . فاتقوا الله ـ رحمكم الله ـ و احفظوا ألسنتكم ، و سائر جوارحكم و كونوا ممن إذا مروا باللغو مروا كراماً | |
|
dark_ghost نائب المدير
عدد الرسائل : 732 العمر : 34 العمل : طالب المزاج : المهنة : الهواية : تاريخ التسجيل : 27/03/2007
| موضوع: رد: الكلم الطيب والخبيث 6/12/2007, 10:57 | |
| | |
|
مداد القلم مشرف بالقسم الاسلامي
عدد الرسائل : 201 العمر : 33 وسام التميز : المزاج : المهنة : الهواية : تاريخ التسجيل : 04/12/2007
| موضوع: رد: الكلم الطيب والخبيث 23/12/2007, 06:53 | |
| جزاك الله خيرا على المرور العطر تحياتي.... | |
|